قصة قصيرة / عاهرة فوق الشبهات
د. ميسون الموسوي
07/04/2008
قراءات: 2250
مهداة الى حكام ألعهد ألجديد في دولة ألعراق ألديمقراطية بمناسبة مرور السنة الخامسة لسقوط بغداد
أم أسامة إمراة عراقية قتل زوجها على الهوية نهب وسلب بيتها على الهوية لوحق أبناؤها الثلاثة أسامة وهمام وحلا مهددين بالقتل والخطف على الهوية هربت بلا وعي خلف أسوار الوطن هربا من الهوية.
في سوريا التي لم تمنحها إقامة شرعية وبعد نفاد فتات ماتبقى لها من تلك الهوية جالت عكة وبكة دمشق بحثا عن عمل شريف يحفظ ماتبقى لها من كرامتها المهدورة...... حتى حفظت تلك الشوارع الفارعة كل تقاسيم وترانيم صاحبة الهوية وهي تدندن عازفة دموعها إيقاع تلك التواشيح والمواويل الحزينة على أنغام الشجن العراقي
(مالي صحت يمه أحا ..جا وين أهلنه
جا وين ..جا وين أهلنه)
(وحيك بابا حيك ...ألف رحمه لأبيك
هذوله العذبوني ...هذوله المرمروني
وعلى جسر المسيب سيبوني)
لانها دافئة وحنونة ولسانها يقطر شهدا أحبها واحترمها جيرانها وتعاطفوا معها كثيرا ووقفوا بجانبها هذا هو حال حي السيدة زينب رأس مال أهله الفقراء ألطيبة والمحبة لكنهم لايقدرون على كفالة ألأيتام الثلاثة وأمهم ...تراكم دين أم أسامة ليصل ألأمر حد المساومة على شرفها هكذا فاجأها أبو العز مالك البيت الذي إستاجرته لتخر مغميا عليها من هول الصدمة ...و على صوت يصرخ في رأسها وهي بين الصحو والحلم بقايا أغنية أنعشت ذاكرتها ألحزينة
جي مالي والي ....بويه إسم الله
متعذبه بدنياي يابابا ...جي مالي والي
صحت لتجد نفسها في غرفة ألإنعاش بعد تعرضها لنوبة قلبية سارع أبو العز لدفع فواتير المشفى ألأمر الذي جعلها تتوسل العمل وهي على فراش يتمرجح بين الحياة والموت غير مبالية بصحتها .
وجد لها جيرانها الطيبون عملا ألإعتناء بسيدة مسنة وافاها ألأجل بعد ثلاثة أسابيع من عملها لديها حتى أنها لم تحصل حتى على أجرة ألأسابيع ألثلاثة ...وكلما أزدادت حدة ألمساومة كلما توسلت وتسولت كل البشر حتى الحشر طلبا لرزق حلال يكفيها وأيتامها شر ألأشرار والفاسدين ...وأخيرا حن عليها ألقدر لتجد عملا عند سيدة غنية في الثلاثين من عمرها مصابة بسرطان الثدي أغدقت على أم أسامة وتعاطفت مع محنتها لكن السيدة قررت بعد ثلاثة أشهر ألسفر إلى بلد الضباب للعلاج ونسيان غدر حبيبها ألذي تخل عنها في محنتها ...لتعود أم أسامة لمواصلة رحلة ألألف مصيبة ومصيبة حوصرت بالديون ...خونقت بسدادها ... وجدت نفسها بين خيارات ثلاثة أهونها مر بين أن يرمي بها صاحب البيت خارجا وهذا يعني الدفع بها الى العودة للموت المجاني في الوطن الذي أضحى حوتا يبلع أبناءه أو ألدفع بإبنتها ألقاصر إلى حافة الهاوية أو ألتفريط بشرفها بعد أن أغلق الشرف أبوابه بوجهها... وفي لحظة ألإصتدام الحاد تتعالى همسات التوسلات الى حد الصراخ مستجدية فرصة أخيرة... إحتقنت كل دماء ألكون بوجهها ... إزدحمت كل الكلمات على عتبة لسانها... تجمع كل ظلام اليابسة في عينيها...تشظت قواها... وتشتت بصرها وبصيرتها...وفاضت دموع يأسها الجبان ...في هذه اللحظة المجنونة هجم عليها أبو العز كوحش كاسر فهوت بين ذراعيه كحمامة مكسورة الجناحين ساقطة في فخ المصير مستسلمة لعدم إمتلاكها خيارات أخرى ولحاجتها ألإنسانية ألمادية والجسدية والروحية.
في أقل من ثلاثة أشهر أضحت أم أسامة تدير بيتا للدعارة في إحدى أحياء دمشق متأرجحة بين ألقهر والتقهقر... لكنها وسط أمواج الرذيلة لم تنسَ جيرانها السابقين الذين دعموها مغدقة عليهم المال ظانين أنها مازالت تعمل لدى السيدة الغنية ولأنها إعتمرت وتساعد المحتاجين فصيتها ذاع بين الحي والأحياء الفقيرة الحاجة ألفاضلة ( أم أسامة) هكذا اضحى إسمها بعد إعتمارها بيت الله ألحرام وحجم المساعدات التي تقدمها للمحتاجين معتقدة أنها تقوم بما يمكن وصفه بغسيل الشرف إسوة بموصوف غسيل ألأموال تشعر من خلال تلك المساعدات بما يشبه ألمخدر للضمير... وبقت على هذا المنوال ثلاث سنوات تقدم خطوة وتأخر أخرى... مكانك سر... بين التوبة والتطبع....... مرة تصلها نفسها أللوامة إلى اليقين ألأكيد أنها غارقة في وحل الرذيلة حد ألنخاع لزاما عليها التطهر... وتارة تقتنع النفس ألأمارة أنه بغاء من أجل البقاء ..............................
ألم يغلق الشرف كل أبوابه بوجهها الشاحب من ألوجعين وجع ألفجيعة ووجع ألغربة... ألم يخذلها وطنها بكل مافيه و ينفيها فريسة للضياع...ألم يهدها ألحكام الجدد ديمقراطية ألبغاء وإشتراكية ألموت ألمجاني... ألم يكتفي كل ألشرفاء من حولها بدور المتفرج وكأنها ممثلة على خشبة مسرح... ألم تتوسل حد ألتسول عملا شريفا... ألا يكفي ألشمس والقمر وشوارع دمشق التي ذرعتها طولا وعرضا حتى حفظت كل آهاتها شهود عدل... هل ستتخلى عنها دموعها في حضرة الرب حين تسأل لماذا لم تسعى للرزق ألحلال ألم تكن شاهدة عليها تلك الدموع ألتي خطت خارطة أحزانها على خدودها الذبلى وكانت دليلها في طرق كل حارات وأزقة ودكاكين الحلال... ألم يشفع لها صوتها الذي بح من تراتيل وتسابيح ............................... بلاد العرب أوطاني ...من الشام لبغدان
ومن نجد الى يمن ....إلى مصر فتطوان
ألم تشفع لها هذه وتلك وهؤلاء وأولائك وهم كثر... وبعد تلاوة كل هذه التبريرات منتصف كل مساء تخلد إلى النوم وكأنها أتمت صلاتها لتصحو على نهار عهر جديد وفي إحدى تلك النهارات صحت مبكرة على هاتف يستدعيها الحضور فورا الى مركز الشرطة لإستلام إبنتها حلا ألتي ضبطت بإحدى بيوت ألدعارة .
د. ميسون الموسوي