بغداد لم تسقط... مقال بقلم محمد زهرة

لم تكن أبدا هذه المرة مجرد انتفاضة عروبية اعتدت رهزاتها التي تمزج الغيرة بالغضب في القلب والعقل دونما تفريق... أنها بغداد هذه المرة... -"بغداد سقطت!!!" قالتها في شكوًى مفرطة الحزن ومستغرقة التأمل. - من قال بهذه النكتة السخيفة أو أطلق هذه الشائعة الخبيثة؟!! -نعم صديقي. شاهدتها بأم عينيّ وهي تسقط... كيف تساوم في وصف الكارثة؟!! وكيف تمارس الداء العربي العضال بالترنح في الرمال بحثا عن كذبة منجيّة؟!! - صديقتي، بغداد لم تسقط... الشامخات لا يسقطن أبدا... الصامدات لا ينهرن أبدا... الجميلات لا يرضين الخروج عن بقعة الضوء أو شغل المقاعد الخلفية... بغداد جميلة الجميلات وإن كانت مصر أم الدنيا فبغداد درّتها. - عن أي درّة تتحدث في وسط الكارثة التي بنا أحدقت؟! - صديقتي، الكارثة لم تحل ببغداد فبغداد باقية ما بقى من شعر المتنبي بيت مدون أو قافية مرددة... التاريخ لا يحذف بأمر من بوش ولا هولاكو... هؤلاء قطّاع طرق الحضارات وهذا دأبهم... لن يتحول رعاة البقر إلى ساكني مروج دجلة والفرات... ولن تمتد استثمارات الدولار إلى بناء حدائق بابل... الكل يعرف موقعه جيدا من التاريخ... بغداد أرض الأدب والحضارة والجمال... بغداد التي بها فتح للإسلام مشرقٌ ومغرب... بغداد التي علمت الدنيا صنوف العلم والأدب لن تعود إلى أميّة الحضارة بقنبلة أو صاروخ... بغداد لن تنحني ما بقي على أرضها مقاتِل يغيّر بيده وواعظ يغيّر بلسانه وغيور يغيّر بقلبه منكَر الطغاة بأن تستحيل يوما إلى مزار أو ضريح في ذاكرة التاريخ... شيعي قبل سني وكردي قبل عربي لن ينسى أنه عراقي لا يرضى بالباب العالي الأميركي وصيا على أرضه ولا قراره... لم يكن الزيدي وحذاؤه إلا فصلا معلنا مما يجول بخاطر كل عراقي شرب الكرامة من دجلة وأدمن الكبرياء من الفرات... محنتهم الوحيدة هؤلاء –صديقتي- أنهم يتصورون أن عولمتهم هذه ستطال لفظ "عربي"... لن تتولى العلمانية تدوين وحي جديد على صفحات التوراة والإنجيل والقرآن... لن يهرب موسى بزمرته إلى معسكراتهم في الخليج طلبا للأمان... لن تنحرف مريم بمسار رحلتها إلى كنائس أوروبا الخاوية ولن تأمن على وليدها روح الله عصابات شيكاجو... وحتى لن يستقبل المركز الإسلامي بنيويورك خير خلق الله والمهاجرين بالألعاب النارية ولن تؤم صلاتهم امرأة متبرجة... لن يحدث أن تختزل النخوة العربية في ابتسامة رجل وهو يضرب بالنعال... ولن يحدث أن تلد أميركا بعد ألف عام رمزا بكبرياء ناصر... ولن يحدث أن يستعاض بضوضاء ورقص جاكسون عن كلمات الحب العربية ومقامات الشرق وإحساس مثل إحساس الساهر... لن تبني رافعاتهم العملاقة أهرامات جديدة ولنا يتركوا في حضارتنا إلا خدشا كالذي تركته مدافع نابليون في أبي الهول... إنها –صديقي- غربَلة التاريخ للشرفاء من العملاء وللأنقياء من الأدعياء... تماما كما حدثت سالفا في نهاية الخلافة العباسية... امتحان كامل لأمة عروبة وإسلام أفرز الخليفة المستعصم الذي قتل ركلا بأقدام الغزاة بعد أن فتح لهم ابواب بغداد، وأفرز أميرا مثل قطز بذل دمه لنصرة دينه وجمع الدنيا لبغداد وأنهى كابوس التتار من مخيلة العالم إلى الأبد... ستكون بغداد –بإذن الله- لهم كما كانت للتتار شر نهاية للمفسدين في الأرض... الحكاية مستمرة وليبحث كل منا عن نظيره ويستشرف في موقع هذا النظير من التاريخ الآن موضعه في حكايا مرايا الغد... بغداد باقية يسقط من يسقط منها وفيها ولا تسقط هي... هذا محلها دائما من إعراب الزمان: ظرف مكان مبني على "الفتح" في محل "نصب" النهاية لمن يفكر في تحريفه...

محمد زهرة

سلام على بغداد فى كل منزل***وحق لها السلام المضاعف

اصدق الحديث ماكان صادرا من نفس صادقة تتنفس العروبة

والشهامة

طبعا لم تسقط بغداد ولن تسقط

نعلم جيدا من سقط ومن ستكون مزبلة التاريخ مأواه

شكرا محمد زهرة

احترامي لك ولقلمك الثائر

ام دلال
....

مرحبا صديقي محمد

كلماتك دائماً تعبر عن الحقائق و عن مشاعرنا الصادقة تجاه قضايا الأمة..اذا أنت لم تكتب هذه الكلمات, من يكتب؟؟ هذه هي مشاعرنا و أفكارنا اللي انت تكتبهن بهذا الجمال.. شكراً لك .
و بكل تاكيد بغداد العظيمة لن تسقط أبداً.. هذا الشعب اللي يربي المتنبي و الجواهري و السياب و البياتي و صلاح الدين و كاظم الساهر كيف يسقط!!؟؟ الحضارة و الادب و العلم و الثقافة لن تسقط ابداً.. الزيدي هو جزء من المجتمع العراقي اللي عبر عن مشاعره بكل صدق و شجاعة.و سجل اسمه في ذاكرتنا و في ذاكرة التاريخ.

مع حبي و احترامي
عصام

ماللعروبة تبدو مثل أرملة؟ أليس في كتب التاريخ أفراح؟
والشعر ماذا سيبقى من أصالته إذا تولاه نصاب ومداح؟

سيدتي الفاضلة أم دلال وأخي عصام... بغداد تشكر لكم رفع أعمدتها في زمن الانهيارات البشرية

محبتي وتقديري
محمد زهرة

تقف كلماتي عاجزة
لم ادرس اللغة العربية جيدا
وحتى في بعض لاحيان لا افهم ما يكتبه اصدقائي اسفة
لكن كلامات يا استاذي الفاضل فاقت كلل الوصف
تحية كبيرة لهذا المشاعر الجياشة للعزيزة بغداد
صديقي العزيز بغداد لم ولن تسقط
خرج الاف العلماء وادباء والقادة الذين وضعوا بصمة في التاريخ
وها هو كاظم الساهر الذي جمعنا على الحب
خرج من هذا البلد
صديقي بغداد تنتظر يوم لتثور بوجه الاعداء وتعود على عهدها
شامخة منتصرا بئذن الله

تحياتي الى اخي العزيز
نجوان

حييت سفحك عن بعد فحييني يا دجله الخير يا ام البساتين
شكرا لك محمد على شعورك الرائع وعلى كلماتك الجميله
تحياتي

بغداد

مدى بساطي .. واملئي أكوابي
وأنسى العتاب، فقد نسيت عتابي
عيناك يا بغداد، منذ طفولتي
شمسان نائمتان في أهدابي
لا تنكري وجهي .. فأنت حبيبتي
وورود مائدتي، وكأس شرابي
بغداد .. جئتك كالسفينة متعبا
أخفي جراحاتي وراء ثيابي
ورميت رأسي فوق صدر أميرتي
وتلاقت الشفتان بعد غياب
أنا ذلك البحار أنفق عمره
في البحث عن حب .. وعن أحباب
بغداد .. طرت على حرير عباءة
وعلى ضفائر زينب ورباب
وهبطت كالعصفور يقصد عشه
والفجر عرس مآذن وقباب
حتى رأيتك قطعة من جوهر
ترتاح بين النخل والأعناب
حيث التفت ، أرى ملامح موطني
وأشم في هذا التراب ترابي
لم أغترب أبداً.. فكل سحابة
زرقاء .. فيها كبرياء سحابي
إن النجوم الساكنات هضابكم ..
ذات النجوم الساكنات هضابي..
بغداد عشت الحسن في ألوانه
لكن حسنك، لم يكن بحسابي
ماذا سأكتب عنك في كتب الهوى
فهواك لا يكفيه ألف كتاب
يغتالني شعري .. فكل قصيدة
تمتصني .. تمتص زيت شبابي
الخنجر الذهبي .. يشرب من دمي
وينام في لحمي ، وفي أعصابي
بغداد . يا هزج الأساور والحلى
يا مخزن الأضواء والأطياب
لا تظلمي وتر الربابة في يدي
فالشرق أكبر من يدي وربابي
قبل اللقاء الحلو .. كنت حبيبتي
وحبيبتي تبقين بعد ذهابي

شكرا لكم على مشاعركم الصادقة وحبكم الأصيل لحاضرة الدنيا في أوج حضارتها... بغداد

بغداد والشعراء والصور
ذهب الزمان وضوءه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس
يغسل وجهك القمر

محبتي وتقديري
محمد زهرة