الحــب في خـــريف العــمر ...!

أقلامي كلها جفت ، و تعطلت كل مراكز الاحساس بداخلي ، خمسون عاماً و خمسون كذبة عشتها من قبل و لم أقتنع يوماً أنها ستجلس معي في مثل هذا المكان ، لم أفكر يوماً في أن تكون ضيفة خفيفة الظل على وجداني و حروفي ، منذ متى كانت الأقدار بهذا الكرم؟ و متى أعطت يد الزمان الثقيلة و كفه الغليظ هذه الهدايا؟ ، أنا أعرف هذه اليد جيداً ، و أذكر تماماً ما فعل بي هذا الكف من قبل ، أفلسا عواطفي .. أممّا مشاعري ، و حكما بالسجن على كل أطفالي و بنات أفكاري ، كيف استبدلا هذه القسوة بهذا الحنان؟ ، لأي سبب أعادا لي كل المفقود في هدية واحدة و في فتاة واحدة ، ما الذي غير الغزو الى فتح و الاحتلال الى توطن و الغرباء الى أهل دار .. دار ظلت طويلاً تعاني جحود الراحلين و قسوة الساكنين و طمع القادمين ...!

راقبت قدومها كما كان أصدقائي في طفولتهم يترقبون ليلة العيد ، تأملت خطوة لم أرى أجمل منها في حياتي ، أتت و في أحضانها ارتمت الدفاتر و الأماني ، أقبلت و في عينيها ألف حلم و ألف أمنية ، عقلي يجبرني على التزام الحدود ، يلزمني باحترام الرأس الأبيض الذي أحمله وحدي ، كذب من قال أن الشيب تاج على رأس الرجل ، فالشيب عار لمن هو مثلي مع من هي مثلها ، لكن لماذا أظلم الشيب وحده ، الشعر الأبيض ليس العائق الوحيد بيني و بين تلك الهدية ، و فارق العمر أهون الفوارق بيني و بين تلك التي ظهرت من العدم ، و بدأت في براعة و رقة من حيث انتهى الاخرين!

خذلتني خبرتي و ذبحني صمتي ، لا تحسبي صمتي ضعفاً ، و لا تظني تلعثمي طبعاً ، أفقدني حضورك كلامي و سرقت أنوثتك ثباتي في لحظات ، لم أعد أعرف من منا الأستاذ و من منا التلميذ ، دهشتي خارطة من الصين الى الصين ، و ذهولي رقصة غجرية لا نهاية لها ، اني معذور اذا ما أخفيت عشقي ، و مذبوح اذا ما بحت به ، و ما بين العذر و الذبح مر كلامنا كنعامة من الخجل ، تخفي رأس العشق في رمال الظروف .. و الشعر الأبيض!

يكفيني من عشرينية العمر ملائكية الحضور و الطبع أن تبعث في ذاتي الشاعر الذي مات ، و المطرب الذي انتحر ، و الكاتب الذي أفلس ، يكفي أن تبقى في وجداني لساعات طويلة بعد رحيلها من على هذه الطاولة ، يكفيني منها أن أعود الى القلم و الأوراق حتى أخبرهما بما لم أقوله لها ، لتبقى تلميذتي الأجمل و أستاذتي الأروع سراً أبدياً بيني و بين الدفاتر البيضاء ، جرعة من الرجولة تكفي عجوزاً مثلي شر الأطباء ، ما أصعب الحب عندما يأتي في نهاية العمر؟! ، و ما اقسى السعادة عندما تأتي في خريف الحياة؟!

الله الله الله عليك محمد
عاشت ايدك على الكلمات الجميله
ربي ما يحرمنا منك
تحياتي
عـــــــــــيوشه

أهلا بالحضور الاستثنائي دائما

أراك سيدي اليوم تشكو الشيب ولعلك ممن قرأ قول بعضهم:
إذا شاب رأس المرء او قل ماله فليس له في ودهن نصيب
فقبح من قول وقبح قائله

أراهن أنها كانت تنشد في حضرتك سيدي الفاضل:

الـشيبُ أَزهـارُ الـشَبابِ فـَما لــَهُ ************ يُخفى وَحُسنُ الرَوضِ بِالأَزهارِ

إن المشيب رداء الحلم و الأدب
كعادتك تتربع على عرش الكلمات
وتحسن ترويض الصور في وشاحها الرومنسي الجميل
جميلة هي مشاعر الحب تلك...
ممتعة هي جلسة الطاولة
استثنائية هي كؤوس الشاي...
اذهب...هي حتما في الانتظار
ونحن أيضا .. فظل بهذا السخاء

سلامي

مرحبا محمد

آسف للتاخير. انا الآن شفت الموضوع. اسجل التقييم الايجابي و سارجع لاحقاً لارد على الموضوع. تسلم لنا

تسلم ايدك اخ امحمد على الكلمات الجميله

flower

اقتباس :

اني معذور اذا ما أخفيت عشقي ، و مذبوح اذا ما بحت به ، و ما بين العذر و الذبح مر كلامنا كنعامة من الخجل ، تخفي رأس العشق في رمال الظروف .. و الشعر الأبيض!

الغالي محمد صلاح

كالعادة يجب ان اسجل اعجابي بقلمك و اسلوبك الرائع بالكتابة. نعتز بك و بكل ما تكتبه. الحقيقة كان صعب كثير ان اختار مقطع من هذا النص و بالنهاية اخترت. تسلم لنا

مع حبي و احترامي
عصام

كلمات جميلة جدا جدا , تأثرت بها كثير خاصة نهاية النص

ما أصعب الحب عندما يأتي في نهاية العمر؟! ، و ما اقسى السعادة عندما تأتي في خريف الحياة؟!

كالعادة عجبتني كثير كلمات لكن لا تحسب صمتي ضعفا"

ماذا اقول امام قلمك االذهبي ؟

و ما اقسى السعادة عندما تأتي في خريف الحياة؟

دوما ودائما وابدا نحن بحاجة لقاءة ما يخطه قلمك وفكرك وقلبك

من أفكار وحكايا وحكم

شكرا لوجودك الراقي يا محمد

ربي ما يحرمنا منك

اخ محمد صلاح

فعلا لا يستطيع المرء ان يرى اسمك على عنوان موضوع ولا يدخله
ولا يستطيع اذا دخله الا يقرائه عدة مرات
واذا قرائه لا يستطيع القرار للخروج منه
واذا خرج سيكون اكيد له ان يفتحه مرة اخرى ويسعد بقرائته كانه يقرائه لاول مرة

تسلم يداك ولا تحرمنا من جديدك دائما
لك مني تقييم ايجابي

مع تقديري