المـــوعد الأول للخـــيانة ...!

سارت في وسط المدينة المزدحم بطبيعته في هذا الوقت من الليل ، كزورق بحري تقاذفته أمواج البشر المحيطون من كل اتجاه ، كانت وقتها بنصف عقل و بنصف قلب .. و ربما بنصف أنثى ، استطاعت أن تخلق لحضورها مساحة وسط الزحام ، مساحة كفلها بنطالها الضيق تماماً كقدرتها على تحمل خلافات لا تنتهي و عذاب ليس له اخر فيما تبقى من العمر ، مساحة فرضتها رائحة عطرها الانجليزي النفاذ الذي ابتاعته من متجر ذلك الصديق
الذي ألقت به الصدف في طريقها ، السائرون في الطرقات يتسائلون فيما بينهم هل بقي
في الدنيا اتساع بعد هذا الضيق؟، و هل ظل في أجوائنا تلوثاً بعد انتشار هذه الرائحة التي أزكمت أنوف المباني و الميادين .. و ليس هؤلاء الطيبون من البشر فقط!

راقتها كلمة غزل اشتاقت كثيراً أن تسمعها من شفاة غير هذه الشفاة ، و في أجواء أخرى غير هذه الأجواء ، أحياناً يكون التحرش بالأنثى مكافأة صبر كتلك التي يتقاضاها الموظفون بعد نهاية الخدمة ، أحياناً تكون كلمات الغزل باباً لكثير و كثير من الأحداث المثيرة و المهمة ، أحداث تصب في أرصدة السعادة و الارتياح و الرضا بالايجاب ، قادها احساسها الى التمسك
بهذا الرصيد الايجابي ، حتى لو احتسب الناس جميعاً هذا الرصيد بالسلب و الانتقاد!

دقات خطواتها تراقصت مع دقات قلبها المرتجف ، نظرات متسارعة الى عقارب الساعه التي اقتربت من الموعد الأول للخيانة ، كانت كأول شئ تفعله لأول مرة في حياتها ، كأول مرة ذهبت فيها الى الجامعه ، كأول مرة داعب أذنيها غزل متسكعي الشوارع في كل مكان ، كأول مرة عانق كفها الرقيق كفاً لرجل كان أول من أدخلها عالم العلاقات الخاصة ، كثير من التشويق .. كثير من اللهفة .. قليل من الاحساس ، نظرات تقلبها ذات اليمين و ذات الشمال ، تشعر و كأن كل من يرمقها بعينيه يعرف تماماً الى أين هي ذاهبة بعد قليل ، و كم من الأشياء ستفقدها بعد دقائق قليلة من هذه الخطوات!

بكت دون أن تدري حالها و حالتها معاً ، لم تفسر بعد كيف بدأت تخطو بلهفة في شوارع الحب الخلفية ، و كيف أقنعتها المعاني البديلة و المستهلكة للعشق و الغرام ، أحياناً كانت تلعن زجاجة العطر التي أوقعتها في طريق هذا البائع ، و أحياناً كانت تحتصنها في شوق و سعادة ، كما كانت تحتضن جوالها بعد انتهاء جرعة الحنان و السعادة التي برع فيها من يتصل من الطرف الاخر ، أحياناً كانت تشعر بوخزة ضمير تشق عليها نوم الليل ، و تحرمها من متعة النوم الهادئ ، و أحياناً أكثر كانت تشعر بوخزات اللذة و النشوة طوال اليوم ، لطالما تسبب شريك حياتها بقسوته و عنفوانه في نسيانها لكل هذه الأحاسيس التي تحتاجها المرأة احتياجها للماء و الهواء معاً!

كيف أدرك صديقها دون أن تتحدث قسوة ما تعاني؟ ، كيف استطاع أن يبدل قسوة زوجها بحنانه ، و كيف كانت كل كلمة تهديد من المنزل تفقد قوتها و مضمونها أمام كل كلمة مثيرة يحملها الجوال و من يهاتفها فيه؟ ، تحطمت عندما لم يشعر زوجها أن هناك رجلاً اخر في طريقه اليها ، انتهت عندما أدركت أن اهتمام زوجها بمباريات كرة القدم و برامج "التوك شو" قد أنساياه أن زوجته وحيدة في هذه الزاوية ، تتبادل النشوة من كأس مسروق ، و تعانق رجلاً اخر عبر الأقمار الاصطناعية ، كثيراً ما علت ضحكاتها و صوتها الرخيم رغبة منها في أن تبقى امرأة لرجل واحد فقط ، تمنت لو يأتي يوم يخطف فيه زوجها الجوال و يكيل السباب و اللعائن لمن تجرأ على حرمه و حريمه ، كانت ستسعد جداً بهذا اليوم ، حتى لو كان هو اخر أيام حياتها ، و لكنه لم يأتي طوال شهرين كاملين كسب فيهما البائع الماهر كل ما خسره الزوج القاسي!

بدت البناية الموعودة في الأفق ، في هدوء خاطبت الأمن كما لقنها الصديق بالأمس ، اكتشفت فجأة أنها منجرّة الى هذا الموعد أكثر منه ، و أنها في حاجة الى هذا اللقاء أكثر منه ، طرقات الحذاء في بهو البناية الفسيح بدا و كأنه فرقة كاملة للموسيقى الشعبية ، جائت لتزفها الى صديقها الجديد ، تدرك تماماً أنها تركت ثريا الكرامة و الشرف ، الى ثرى العلاقات المشبوهة و المشاعر المشبوهة أيضاً ، لم تأسف على زوج سلمها دون أن يدري الى بائع محترف ، لم تأسف على بيت ذاقت فيه من صنوف العذاب ما بكفي و يفيض منه ما تبقى من العمر ، تعلم أن صديقها سيقول كلاماً و هو يخفي في ضميره كلاماً اخر ، سيقول حبيبتي و بينه و بين نفسه يدرك أنها ليست الا امرأة التقطها من الشارع .. و سيتركها في الشارع أيضاً بعد قليل!

على عجل صعدت الطوايق الثلاثة ، لم تكن بحاجة الى دق الأجراس ليفتح لها البائع الباب الجديد ، دقات قلبها كانت أعلى صوتاً و أسرع وتيرة من أية الة تنبيه في العالم ، بدأ الصديق حصة الغزل العملية من على السلم بعد كثير من الحصص النظرية ، همجية الرجل أحياناً تكون طريقة ممرسة و مجربة في اسعاد الأنثى ، أغلق الباب ليبدآ سوياً في حوار شيطاني بين رجل همجي و أطلال أمرأة أكثر همجية ، يسجل التاريخ أنها انتهت الى الأبد في هذه اللحظة!

الله الله الله على اسلوبك الراقي يا ابا ساهر
كلماتك معانيها قوية للغاية سلمت اناملك
الذهبية
اعجبني جدا اسلوب التشويق في سردك للقصة
بارك الله فيك

يسجل التاريخ أنها انتهت الى الأبد في هذه اللحظة!

نهاية متوقعة لا انسانة كما وصفتها الاكثر همجية

تقديري

أغلق الباب ليبدآ سوياً في حوار شيطاني بين رجل همجي و أطلال أمرأة أكثر همجية ، يسجل التاريخ أنها انتهت الى الأبد في هذه اللحظة!

ابوساهر وصفك لتفاصيل المكان و الاحاسيس رااائع

لي حديث مفصل معك بهالخصوص بس الاقيك عالماسنجر انشاءالله

تقبل مروري

رائع جدا يا أبو ساهر الأسلوب وتناولك للموضوع...وفكرة الموضوع أساسا مميزة وتحمل الكثير من الثراء المعرفي والإجتماعي

ومهم جدا أن نقدم مثل هذه المواضيع لأن في عمقها عبر لا حدود لها

مع تحياتي
محمد من المغرب

الف شكر كاتبنا الرائع محمد صلاح

مرة اخرى تطل علينا بمواضيعك المرتقبة
اسلوبك جميل كالعادة والفكرة موضوع مهم يحتاج للتنبه له
فالعالم اصبح مخيف بما فيه
لا تحرمنا جديدك

تقديري

كل عام وانت بالف خير
اخ محمد صلاح عساك من عوادة

رااااائع بكل معنى الكلمة يا محمد!! الفكرة رائعة و الحكاية جميلة جداً...
لاتحرمنا من هذه الكتابات الجميلة.
اقل شيء اقدر افعله هو تسجيل تقييم ايجابي لك.

شمس الساهر كتب:: الله الله الله على اسلوبك الراقي يا ابا ساهر
كلماتك معانيها قوية للغاية سلمت اناملك
الذهبية
اعجبني جدا اسلوب التشويق في سردك للقصة
بارك الله فيك

يسجل التاريخ أنها انتهت الى الأبد في هذه اللحظة!

نهاية متوقعة لا انسانة كما وصفتها الاكثر همجية

تقديري

أهــلاً شمــس ..!

كل الشكر لك على المرور الجميل و الرد الرائع .. اطراء جميل اعتدناه من أخت غالية و رائعة مثلك شمس .. شكراً لك مرة أخرى على المرور ...!

محمد صــلاح

Maha كتب:: أغلق الباب ليبدآ سوياً في حوار شيطاني بين رجل همجي و أطلال أمرأة أكثر همجية ، يسجل التاريخ أنها انتهت الى الأبد في هذه اللحظة!

ابوساهر وصفك لتفاصيل المكان و الاحاسيس رااائع

لي حديث مفصل معك بهالخصوص بس الاقيك عالماسنجر انشاءالله

تقبل مروري

هــلا مهــاوي ..!

كل الشكر لك على المرور الجميل و الملاحظات الجميلة هنا أو هناك .. سأبقى في انتظار هذا الموعد باذن الله .. و كل الشكر لك على التواجد المؤثر مرة أخرى ...!

محــمد صــلاح

Mohamed Ali كتب:: رائع جدا يا أبو ساهر الأسلوب وتناولك للموضوع...وفكرة الموضوع أساسا مميزة وتحمل الكثير من الثراء المعرفي والإجتماعي

ومهم جدا أن نقدم مثل هذه المواضيع لأن في عمقها عبر لا حدود لها

مع تحياتي
محمد من المغرب

أهــلاً محــمد ..!

رائع جداً أن يخرج مثل هذا الكلام من كاتب و شاعر في حجم و مكانة محمد علي ، دمت لنا أخاً عزيزاً و غالياً في كل وقت .. شرفني مرورك و كرمني انطباعك الجميل عن هذه الخاطرة اخي الحبيب ..!

كل الشكر ...!

محــمد صــلاح

ورقة الغار كتب:: الف شكر كاتبنا الرائع محمد صلاح

مرة اخرى تطل علينا بمواضيعك المرتقبة
اسلوبك جميل كالعادة والفكرة موضوع مهم يحتاج للتنبه له
فالعالم اصبح مخيف بما فيه
لا تحرمنا جديدك

تقديري

أهــلا بيــلما ..!

كل الشكر على المرور و الكلام الجميل .. و أتفق معك في أن العالم أصبح مخيف بما فيه فعلاً .. و تبقى ثرثرتنا على هذه الأوراق محاولة جادة مننا لقتل هذا الخطر .. أو تحجيمه في أسوأ الأحوال ...!

كل الشكر لك مرة أخرى على المرور الجميل ...!

محــمد صــلاح

عصام كتب:: رااااائع بكل معنى الكلمة يا محمد!! الفكرة رائعة و الحكاية جميلة جداً...
لاتحرمنا من هذه الكتابات الجميلة.
اقل شيء اقدر افعله هو تسجيل تقييم ايجابي لك.

أهــلاً عصــام ..!

شكراً لك أخي الكريم على مرورك و تواجدك الرائع .. شكراً للفكرة و الخاطرة لأنهما استطاعتا الحصول على اعجابك و اهتمامك .. و تقييمك الايجابي أيضاً!

شكراً لك عصام على المرور والرد و التقييم الجميل

محــمد صــلاح

» حوار مع الأخ محمد علي ..هنا نتعرف عليه اكثر
» ما لا تعرفونه عن كاظم : الجزء الأول
» ألغــاز ... ســـاهرية ... اللغز الأول ...؟؟؟
» تعلم الفوتوشوب ( الدرس الأول )
» تعلم الكوريل درو الدرس الأول