في عام 1971 ألقى نزار قباني في مهرجان الشعر العربي نبوءة شعرية لا زالت تثبت صدقها واستمرارها،
خاطب فيها دمشق بقوله:دمشق ياكنز احلامي ومروحتي..أشكو العروبة أم أشكو لك العربافرشت فوق ثراك الطاهر الهدبا فيـــــا دمشق لماذا نبدأ العتبـــا
حبيبتي أنت فاستلقي كأغنيــــــة على ذراعي ولا تستوضحي السببا
يا شام إن جراحي لا ضفاف لهـا فمسحي عن جبيني الحزن والتعبـا
يا شام أين هما عينا معاويــــــة وأين من زحموا بالمنكب الشهبـــا
فلا خيول بني حمدان رااقصـــه زهواً ولا المتنبي مالئ حلبــــــا
وقبر خالد في حمص نلامســــه فيرجف القبر من زواره غضبــــا
يا رب حي رخام القبر مسكنـــه ورب ميت على أقدامه انتصبــــا
يا ابن الوليد ألا سيف تؤجــــره فكل أسيافنا قد أصبحت خشبـــــا
* * *
دمشق يا كنز احلامي ومروحتي أشكو العروبة أم أشكو لك العربـا
أدمت سياط حزيران ظهورهمــو فأدمنوها وباسوا كف من ضربـــا
وطالعوا كتب التاريخ وامتنعـــوا متى البنادق كانت تسكن الكتبــــا
سقوا فلسطين أحلاماً ملونــــــة وأطعموها سخيف القول والخطبا
عاشوا على هامش التاريخ ما انتفضوا للأرض منهوبة والعرض مغتصبا
وخلفوا القدس فوق الوحل عارية تبيح عزة نهديها لمن رغبـــــــا
* * *
هل فلسطين مكتوب يطمئننــــي عمن كتبت إليه وهو ما كتبـــا
وعن بساتين ليمون وعن حلــم يزداد عني ابتعاداً كلما اقتربــــا
أيا فلسطين من يهديك زنبقـــــة ومن يعيد لك البيت الذي خربــا
شردت فوق رصيف الدمع باحثة عن الحنان ولكن ما وجدت أبــا
تلتفتي تجدينها في مباذلنــــــا من يعبد الجنس أو من يعبد الذهبا
فواحد نرجسي في سريرتـــــه فللخنى والغواني كل ما وهبـــــا
وواحد ببحار النفط مغتســــل وواحد من دم الأحرار قد شربــا
إن كان من ذبحوا التاريخ هم نسبي على العصور فإني أرفض النسبــــا
* * *
يا شام يا شام ما في جعبتي طرب أستغفر الشعر أن يستجدي الطربـــــا
حبل الغجيعة ملتف على عنقي من ذا يعاتب مذبوحاً إذا اضطربا
من جرب الكي لا ينسى مواجعه ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا
الشعر ليس حمامات نطيرها نحو السماء ولا ناياً وريح صبـــا
لكنه غضب طالت أظافره ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا
نزار قباني