بشرى
إدارية
البلد : 
الجنس : 
عدد الرسائل : 50068
الأغنية المفضلة : التحديات
الألبوم المفضل : كل ألبومات القيصر
الفيديو كليب المفضل : قولي أحبك
وإني أحبك
تتبغد
تاريخ التسجيل : 09/10/2008
~~ SMS ~~ :
 |  موضوع: كاظم الساهر في بيت الدين... حفل يتمايل بين جنون جمهور وادعاء فنان 2009  18/11/2010, 18:37 | |
|
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كاظم الساهر في بيت الدين... حفل يتمايل بين جنون جمهور وادعاء فنان
17/08/09
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بيروت – فراس زبيب: هؤلاء الشباب والصبايا والرجال والنساء الذين يحبون الفنان العراقي كاظم الساهر ويستمعون الى اغنياته بكم من الحنين والاعجاب يبررونه بقولهم ان كاظم الساهر هو آخر الفنانين الذين يغنّون طربا أصيلا، هؤلاء الناس كأنهم "يعيشون من قلة الموت"، كما يقول المثل اللبناني الشعبي.
الحفل الذي أقامه كاظم الساهر في قصر بيت الدين والذي كان حفل ختام مهرجانات بيت الدين لهذا العام كان حفلا صاخبا على المدرجات التي امتلأت بالناس حتى عجّت بهم، وكان أقل صخبا على المسرح حيث وقف كاظم الساهر عاطيا ظهره للفرقة الموسيقية العراقية- اللبنانية المتواضعة، من حيث عدد العازفات والعازفين فيها.
لهؤلاء الذين، مثلي، لم يشاهدوا حفلا حيا للفنان العراقي كاظم الساهر سابقا، بدا تفاعل الجمهور مع الحفل الذي أقيم مساء يوم السبت الماضي صاخبا لدرجة الجنون والسخافة في آن معا.
فبعض الفتيات وبعض النساء كدن ان يفقدن السيطرة على اعصابهن اثر رؤية الساهر على المسرح، فصرن يصرخن ويبكين كما كانت تفعل المراهقات في حفلات فريق البيتلز في سبعينيات القرن الماضي مثلا.
بعض الذين قصدوا قصر بيت الدين مساء السبت الماضي بثياب العيد البراقة ومجوهرات الايام الخاصة وماكياج السهرات النادرة، كانوا غير أكيدين حتى من أنهم سيدخلوا الى باحة القصر لمشاهدة الفنان العراقي يغني اغنيات للشاعر نزار قباني. فكثيرون قصدوا قصر بيت الدين من دون بطاقات مزودين فقط بحماسة هائلة ورغبة كبيرة لمشاهدة الحفل.
هؤلاء حاولوا الدخول بشتى الطرق ووقفوا على الطريق الذي يعلو القصر ليشاهدوا الحفل من هناك بعد ان منعهم رجال الامن من الدخول.
كما كان هناك أشخاص دخلوا ببطاقاتهم ولكنهم لم يجدوا مكانا ليجلسوا فيه، بعد ان امتلأت المدرجات بالناس الذين تهافتوا الى الحفل كأنهم يتهافتون لشراء ربطات خبز في ايام بات فيها الخبز نادرا.
عراقيون ولبنانيون جاءوا ليستمعوا الى صوت الفنان الذي بات نجما عربيا كبيرا، يتصرّف كما يفعل النجوم العالميون الكبار.
الفتاة التي في آخر المدرجات لم تستمع في الحقيقة الى اية كلمة من اغنيات كاظم الساهر. هي وقفت قرب كرسيّها حاملة يافطة كُتب عليها بخط اليد: "يا قيصر العرب، يا فخر العراق، يا كاظم.."، وصارت تصرخ اسم الفنان بأعلى صوتها كأن جلّ ما تريده من الحفل ومن الفنان هو ان ينظر الساهر اليها، ولو بطرف العين.
أما المرأة التي يتعدى عمرها الخمسين عاما، والتي لبست ثيابا تتناسب مع أضواء المسرح وألوانه أكثر مما تتناسب مع عتمة المدرجات، وقفت ايضا وصارت تصرخ بأعلى صوتها طالبة من الفنان الذي لم يكن يستطيع الى سماعها سبيلا، اسم الاغنية التي تود منه ان يُسمعها اياها.
"زيديني عشقا..، زيديني عشقا.." صارت تصرخ مانعة من بقربها من ان يستمع الى غناء الفنان ومانعة من خلفها من رؤيته. وعندما غنّى الساهر أغنية "زيديني عشقا" (من دون ان يكون صراخ المرأة سببا في ذلك طبعا)، صارت تصرخ "مدرسة الحب..، مدرسة الحب..".
هذا النوع من الناس، الذي يتناسب على الارجح من هذا النوع من الغناء ومن النجومية، لا يعرف كيف يستمع الى أغنية او كيف يحترم الحفل الموسيقي والجمهور والفنان.. وان كان كاظم الساهر يعتبر أنه تخلّف عن الموسيقى الحديثة والسخيفة، أو تخطّاها، بأسلوب غنائه والقصائد التي يختارها أكثر جدية من سائر الفنانين المعاصرين، فان جمهوره هذا يعيده الى جو الموسيقى الذي يحاول هو ان يهرب منه.
خاصة وأن كاظم الساهر صار في حفل بيت الدين يشجّع جمهوره على الصراخ أكثر بأن يقول لهم بين الاغنية والاخرى بأنه لا يسمعهم طالبا منهم ان يرفعوا صوتهم بحركة من يده. لم يطلب مثلا، حين رأى هذا الهيجان في صفوف الجمهور، ان يتوقف الناس عن الصراخ بحجة، مثلا، ان الاغنيات التي اختارها لهذا الحفل هي التي سيغنّيها ولا شيء غيرها..
الا انه قال للجمهور منذ بداية الحفل انه يرسل عبره تحية للشاعر نزار قباني، وان الاغنيات التي سيؤديها هي قصائد الشاعر هذا. "انها ليلة القصائد" قال كاظم الساهر كأنه يطلب من الجمهور ان يكتفي بطلب اغنيات القصائد وليس غيرها.
ليس كاظم الساهر امتدادا للعصر الطربي الذهبي كما يخال من يحبونه ويُعجبون بفنّه. وهو ليس ابن ام كلثوم او أخ عبد الحليم حافظ كما يخال الشاب الواقف في آخر المسرح يصرخ بأعلى صوته "عظمة على عظمة يا كاظم يا اعظم المطربين..".
هو فنان عرف كيف يجمع بين الايقاع الكلاسيكي في الاغنية العربية، وبين القصائد المكتوبة باللغة العربية، وبين الذوق الفني الشعبي العربي الحديث. هو ليس ملحنا عظيما كما كان عبد الوهاب مثلا او رياض السمباطي، كما ان القصائد التي يختارها ليست بأهمية تلك التي كان يغنيها الفنانين الكبار في تلك المرحلة الذهبية من عصر الاغنية العربية.
قصائد نزار قباني التي يغنيها كاظم الساهر تنتمي الى الذوق الشعبي في الشعر، وهي اقرب الى السذاجة الشعرية، والخفّة في الافكار والتشابيه والمواضيع، منها الى الشعر الراقي والعميق. والموسيقى التي تشبه بايقاعها ونمطها الاغنيات القديمة هي ايضا اشبه بنسخة مقلّدة من موسيقى الطرب الاصيل. وهذا تماما ما يجعل من كاظم الساهر فنانا شعبيا ناجحا من دون ان يكون مطربا فعليا.
يجب ان لا يُشبّه كاظم الساهر بالمطربين والفنانين العرب الكبار، كما يجب في الوقت نفسه ان يُثنى على عمله الذي تمكن من الابتعاد، ولو نسبيا، عن جو الاغنية العربية الحديثة. الا ان قدرته تلك الكبيرة على خلق جو جنوني في صفوف جمهوره، وسماحه بأن تكون مدرجات حفلاته أشبه بساحة رقص منها بصالة انتباه وتركيز واستماع تدلّ على حقيقة فنه وعلى شخصيته في آن معا.
وبمناسبة اختتام مهرجانات بيت الدين للعام 2009، يجدر التحدث عن موسمها بشكل عام. المهرجانات التي شهدت حادثة الغاء حفلات الممثل الفرنسي جاد المالح، كانت ناجحة رغم ذلك. طبعا، هناك تفاوت كبير بين الفنانين الذين اختارتهم اللجنة المنظمة، الامر الذي يمنع المهرجان من ان يكون راقيا فقط، او جيدا فقط، او ناجحا فقط.
الا ان مهرجانات بيت الدين تبقى من افضل المهرجانات اللبنانية واكثرها نجاحا. ويبقى ان نلفت النظر الى تلك الساحة التجارية التي يدخل الناس عبرها الى باحة القصر، والتي تمتلئ كل عام بالمحلات التجارية التي تبيع طعاما وشرابا للموجودين.
الاسعار التي يطلبها القيمون على هذه المحلات اسعار خيالية لا يمكنها الا ان تؤثر سلبا على المهرجان وعلى فكرته وصورته. فحين يكون سندويش الشاورما بثماني آلاف ليرة لبنانية، وكأس المشروب الروحي بعشرين الف ليرة، والمنقوشة بالصعتر بخمسة آلاف، لا يمكنه المرء الا ان يشعر بأن مهرجان بيت الدين حدث للاغنياء فقط، ويشعر ايضا بأن الفن فيه، مهما كان راقيا وجديا، هو تجاري قبل كل شيء.. ولا يكفي، وان كان يبرر، كون كل تاجر دفع للجنة المهرجان مبلغ ستة آلاف دولار ليتمكن من بيع بضائعه على مدخل القصر.
يجب ان تُدرس الاسعار لتكون منطقية، ولو بقيت مرتفعة وهو امر نفهمه. ولكن شعور المرء بأنه حائر بين الجوع مثلا والشعور بأنه يُسرق على علم من الدولة واللجنة المنظمة في آن معا امر سلبي الى ابعد الحدود.
المصدر
| |
|
